خدمة صغيرة

الطرقات تتعالي تحاول أن تخرجه من نومه العميق كأنها تهز مخه هزاً. للحظات لم يستوعب ما يحدث خاصة حين دخل مؤثر آخر في المشهد متمثلأ في يد زوجته التي تهزه بقوة و هي تهتف بإسمه. بعد ثوان أدرك ما هنالك و إنتفض ناهضاً من فراشه و هرع ليري من هذا الذي يطرق الباب في مثل هذه اللحظة.

كان الطارق يستخدم كفه المفتوح ليطرق الباب طرقات قوية تهز الباب المتهالك حتي تكاد تخلعه من مفصلاته. فتح الباب ليجد أمامه وجه يبدو مألوفاً. لقد رأي هذ الشخص يوماً ما ولكن أين و متي؟

* * * * * *

الزحام شديد و نظرات الناس أكثر إيلاما من ضربات العساكر و المخبرين. الناس تحدق فيه و قد احاط المخبرون و العساكر به و بزملاؤه و أمامهم يسير ذلك الضابط. كان ملازماً أول صغير السن و يبدو أنه فخور بما يفعله. يزيح الناس من أمامه في شيء من التعالي و الشعور بالأهمية يكاد يقتله قتلاً بينما المخبرون و العساكر يجرونه و زملاؤه بغلظة مصحوبة بعدد لا بأس به من الصفعات و اللكمات.

هذا المخبر بالذات الذي علي يمينه و الذي تنهال ضرباته علي زميله كان مميزاً. كان أبيض اللون اخضر العينين علي غير المألوف في معظم المصريين و لم يكن له شارب علي غير عادة المخبرين. لم يكن ضخم الجثة و لكنه كان قوياً بعكس الجنود الآخرون الذين أتلفت السجائر و الحشيش أجسادهم. لكماته تحدث صوتاً حين تنهال علي جسد فاروق و وجهه بينما صراخ فاروق يتعالي. علي الرغم من كرهه الأزلي لفاروق إلا أنه اشفق عليه بشدة في هذه اللحظة.

* * * * * *

-“ممدوح باشا يريدك”.

نظر اليه للحظة و لم يرد. مازال قوي البنية بشكل واضح و إن كثرت التجاعيد في وجهه و غزا الشيب شعره.

-“و لماذا يريدني ممدوح باشا؟ لم تعد لدي أي معلومات عن أحد و لم تعد لي صلة بهم منذ سنين منذ أن …”.

-“ممدوح باشا يريدك”.

كررها المخبر مرة أخري دون إنفعال. الوغد يعرف غالباً فيم يريده ممدوح باشا علي الرغم من هذا هو لن يخبره بشي، غالباً لأنه يستمتع بحيرته و ملامح القلق علي وجهه. لن يمنحه هذه المتعة إذاً.

-“إنتظرني ريثما أغير ملابسي و آتي معك”.

-“تعال بملابسك هذه. الباشا يريدك كما أنت”.

غالباً لم يطلب الباشا هذا و لكن الوغد يحب أن يثير أعصابه. نظر له في برود و كرر ما قال بنفس الطريقة التي إتبعها الوغد من ثوان.

-“إنتظرني ريثما أغير ملابسي و آتي معك”.

قالها و هو يضغط علي مقاطع الكلمات و ينظر للوغد في عينيه. للحظة ظل الوغد محدقاً في عينه ثم أشاح بوجهه و قال:

-“أسرع و لا تتأخر”.

دخل الي غرفته و أخبر زوجته أن أحد أصدقائه مريض بشدة و أن أهله بحاجة لمن يساعدهم في نقله الي المستشفي. لو أخبرها أن ممدوح باشا يطلبه فستصرخ و تلطم و في ثوان سيصل الخبر الي الحي كله. لن يخبرها حتي يري ما يريده الباشا فلربما كان سؤالاً تقليدياً و ينتهي الأمر، خاصة و أن الباشا لم يره منذ ما يزيد عن سبع سنوات.

خرج مع المخبر و عند مدخل البيت سأله:

-“أين البوكس؟”

-“لا يوجد بوكس فلن نذهب الي القسم بل لمديرية الأمن”.

-“هل إنتقل ممدوح باشا الي مديرية الأمن الآن”؟

-“منذ أربع سنوات”.

-“و أخذك معه طبعاً”.

قالها بسخرية و هو ينظر اليه بطرف عينه فلم يرد. سارا سوياً حتي وصلا الي مديرية الأمن في خمس دقائق. صعدا الي الطابق الثالث و قاده المخبر الي أحد المكاتب. علي باب المكتب قال له: -“إنتظرني هنا”.

و طرق الباب فجاء صوت الباشا يدعو الطارق للدخول. ما زال صوت الباشا كما هو هاديء قوي النبرات و به تلك البحة المميزة التي يذكرها من أول لقاء رآه فيه.

* * * * * *

العساكر و المخبرون يقتادوه و زملاؤه الي البوكس الذي تحرك بإتجاه القسم مطلقاً سارينته. لم يفهم لماذا يطلق البوكس سارينته علي الرغم من أن الوقت تعدي منتصف الليل بساعتين علي الأقل و الطرقات خاوية تماماً. شعر أن هذه السارينة هي بشكل ما إعلان من الشرطة عن ما يحدث. نحن نتعب و نقوم بواجبنا علي خير وجه، و كدليل علي هذا فقد القينا القبض علي عدد من اللصوص الحقراء و نحن الآن بصدد نقلهم الي حيث نخسف بهم الأرض خسفاً حتي يندم كل منهم علي اليوم الذي ولدته فيه أمه.

في القسم أدخلوهم الي غرفة مأمور القسم. لم يكن المأمور موجوداً و بدلاً منه كان يجلس ممدوح باشاً. وقتها كان مقدماً، و علي غير ما توقع فقد أمر الباشا بإرسالهم الي الحجز لكي يعرضوا علي النيابة في الصباح التالي. فقط يحتجزوا حتي يعرضوا علي النيابة، دون ضرب أو إهانة و دون حتي أن يسأل أي منهم عن إسمه، بل و دون حتي أن ينظر الي أي منهم. بشكل ما كان الموضوع بالنسبة له روتينياً كالبقال الذي يأمر مساعده بوضع الجبن في الثلاجة.

* * * * * *

خرج المخبر بعد دقائق و قال:

-“أدخل الي الباشا”.

دخل الي الغرفة بينما بقي المخبر بالخارج. في الداخل كان الباشا جالساً يقرأ جريدة ما. هذه أول مرة يري فيها شخصاً يقرأ جريدة في هذا الوقت المتأخر من الليل. كان الباشا يرتدي ثياباً مدنية أنيقة لا تظهر معها رتبته و قد شاب نصف شعره تقريباً.

أغلق الباب خلفه فإنتبه الباشا. نحي الجريدة جانباً و قام و صافحه. غريب هذا.

-“كيف حالك يا خليل”.

-“بخير يا باشا”.

-“ما أخبار الكشك؟ هل يدر عليك دخلاً جيداً”؟

-“نحمد الله علي نعمة الستر يا باشا”.

-“إجلس يا خليل”.

-“عيب يا باشا”.

-“لا تقل هذا يا رجل. إجلس”.

جلس متوجساً من هجمة المودة الغير معتادة من الباشا. لو كان الباشا صفعه أو تجاهله أو عامله بالبرود و الجمود المعتادين لما شعر بهذا الخوف.

-“طبعا يا خليل أنت تعرف أني خدمتك و قمت معك بالواجب أكثر من مرة فيما مضي”.

خدمتك؟ واجب؟ عم يتحدث الباشا؟

* * * * * *

المرة الثانية التي قابل فيها الباشا كانت بعد خروجه من السجن بعد مرور خمس سنوات علي اليوم الذي رآه فيه لأول مرة. عند خروجه من السجن و بعد إستكمال معظم إجراءات الإفراج عنه تم ترحيله الي القسم لإنهاء الإجراءات. كان نفس القسم الذي رأي فيه الباشا اول مرة، و لكن الآن مع فارق أن الباشا قد صار مأمور القسم.

حين دخل الي مكتب الباشا لم يبد عليه أنه يذكره من الأساس. نظر الي ملفه لمدة دقائق ثم قال:

-“كفارة يا خليل”.

لم يعرف بم يرد علي الباشا. نفس الإرتباك الذي شعر به حين تم قبض عليه. تمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة بصوت خافت.

-“أرجو أن تكون هذه آخر مرة تدخل فيها السجن يا خليل”.

-“إن شاء الله يا باشا”.

-“هل فكرت فيما ستفعله بعد أن خرجت من السجن يا خليل”؟

-“ليس بعد يا باشا. سأبحث عن أي عمل و ربنا يسهل”.

-“و ماذا عن أصدقائك القدامي يا خليل”؟

نظر له غير مدرك ما يقصده ثم فهم أنه يقصد اللصوص الذين إعتاد أن يعمل معهم فيما مضي.

-“حد الله بيني و بين الحرام يا باشا. سأقطع علاقتي بهم جميعاً و حتي إن شاهدت احدهم علي المقهي فسأترك المقهي و أقوم. لا أريد أن أعود الي هذا الطريق مرة أخري يا باشا”.

-“و لكني أريد منك شيئاً آخر يا خليل”.

-“تحت أمرك يا باشا”.

-“أريدك أن تظل علي علاقتك بأصدقائك القدامي و تخبرني بمعلومات عنهم. عندما تسمع منهم كلمة عن سرقة ما أو أي شيء تشعر أنه قد يفيدنا تخبرني به”.

-“تريدني أن أفتن علي أصدقائي يا باشا”؟

-" يبدو أنك تريد أن تسير في نفس الطريق القديم مرة أخري يا خليل".

-“لا و الله يا باشا”.

-“إذن ما المشكلة؟ انا لا أريد منك سوي أن تخبرني بما تسمعه مصادفة إن شعرت أنه يمكن أن يفيدنا بشكل ما، و إلا …”.

قالها و لم يكمل و لكن الرسالة كانت واضحة.

من يومها ظل يمد الباشا بكل ما يقع تحت يديه من معلومات هزيلة. كان يحاول أن يبتعد عن اصدقاءه القدامي، فقط يحتفظ بينه و بينهم بشعرة معاوية تسمح له بأن ينقل الي الباشا بعض المعلومات ليرضيه بها و في نفس الوقت تجعل المعلومات سطحية بحيث لا تتسبب في إيذاء أحد، و بالتالي كانت كل المعلومات التي تقع بين يديه و ينقلها الي الباشا معلومات تافهة من عينة (لقد تغيب فلان عن منزله لثلاث أيام دون أن يعلم أحد مكانه). كان الباشا يستقبل هذه المعلومات ببرود. هو لم يبد تذمراً و لم يبد إستحساناً، فقط يأمره في نهاية كل لقاء أن يمده بكل ما يقع تحت يده من معلومات.

* * * * * *

لم يعرف بم يرد علي هذه الكلمة. ما الواجب الذي يقصده الباشا؟ هل هي سخرية منه أم أن الباشا يقصد شيئاً ما هو لا يتذكره أم أن الباشا قد فقد عقله؟

-“حفظك الله لنا يا باشا”.

-“أنا لا أريد منك سوي خدمة صغيرة في مقابل الجمائل التي قمت بها معك”.

-“تحت أمرك يا باشا”.

-“أريد أن أقبض عليك”.

نظر له محدقاً في عدم فهم فإبتسم الباشا و قال:

-“سأشرح لك الأمر. منذ أيام قام أحد اللصوص بدخول بيت لسرقته و لكن صاحب المنزل إستيقظ و حاول أن يقيد اللص ليقدمه للشرطة. بالطبع لم يتوقع الأحمق أن اللص قد يكون مسلحاً و قد يؤذيه و هو ما حدث بالفعل. طعنه اللص بمطواة ثم هرب”.

-“و لكن يا باشا أنا لم تعد لي صلة بأي من الهجامين منذ ذلك الحادث الذي….”.

-“انا اعلم هذا. إنتظر حتي أكمل كلامي للنهاية. اللص هرب و لم نستدل عليه و صاحب المنزل الآن في المستشفي. لم يمت و لكنه لم يتعرف علي وجه اللص لأن المنزل كان مظلماً حين تعارك مع اللص. المشكلة أن القضية لابد من أن تغلق و لو مؤقتاً لأن الصحف تكلمت عنها و هولت الأمر و جعلتها اقرب الي قضية رأي عام”.

أخرج سيجارة و أشعلها ثم نفث الدخان في الهواء و قال:

-“اللعنة علي اولئك الصحفيين، ما أن يسمع أحدهم عن سرقة عنزة حتي يكتب مقالاً عن موجة الجريمة التي تجتاح المجتمع و أن رجال الشرطة يتقاضون مرتباتهم علي سبيل الزكاة. لو كان الأمر بيدي لأمرت بإعدام جميع الصحفيين في ميدان التحرير”.

-“و لكن ما دخلي انا بهذا يا باشا”.

-“صبراً يا خليل. أنا سأقوم بالقبض عليك و أسلمك للنيابة علي أنك من قمت بالجريمة. سأقول أنه تم العثور علي سلاح الجريمة معك. أنت لك سوابق في السرقة من قبل و قد حاولت سرقة المجني عليه و حين حاول أن يعترض طريقك طعنته بهذه المطواة”.

قالها و أخرج من درج مكتبه مطواة فتحها و القاها علي المكتب أمام خليل الذي لم يمد يده اليها بل قال:

-“و لكن يا باشا هذه ليست خدمة صغيرة. أنت تطلب مني أن أقدم نفسي للمشنقة مقابل جريمة لم أرتكبها”.

-“لن يصل الأمر للمشنقة. الطبيب الشرعي سيكتشف أن المطواة ليست بها أثار دماء و أنها تختلف عن تلك التي تمت بها الجريمة. هذه أشياء تظهر من شكل الجرح و حجمه الي آخر هذا الهراء الذي يجيده الأطباء الشرعيون”.

-“و ما الفائدة إذاً من القبض علي”.

-“ريثما يظهر أنك لست القاتل سيكون الصحفيون قد نسوا ما حدث و إما أن نقبض علي اللص الحقيقي أو تقيد القضية ضد مجهول. فقط سيهدأ الناس قليلاً و ينسوا ما حدث”.

-“و لكن يا باشا ماذا عن الكشك؟ من الذي سيديره لينفق علي إبني و أمه؟ و ماذا عن سمعتي؟ أنت تعرف أن المنطقة التي إنتقلت اليها لا يعرف فيها أحد أني من أصحاب السوابق كما أن إبني لا يعرف هذا. انا عشت نظيفاً يا باشا منذ خروجي من السجن و لا أريد أن تتلوث سمعتي”.

نظر له الباشا دون أن يرد فأكمل بإرتباك:

-“ثم ما الذي يضمن لي أن أخرج من هذه القضية”؟

-“بالنسبة للكشك فمن الممكن أن تديره زوجتك لبضعة شهور ريثما ينتهي الموضوع. أما بالنسبة لسمعتك فما الضرر في أن يعرف الناس أنك من أصحاب السوابق؟ أنت بالفعل كذلك و الأمر لن يشكل لك فارقاً كبيراً. و بالنسبة للبراءة فأنا اضمنها لك بشرفي و أنت تعرف أن أتعامل معك تعامل رجل”.

تعامل رجل؟ ما الذي يتحدث عنه هذا المعتوه؟

* * * * * *

إنتهي إمداد الباشا بالعلومات حين تسرب الخبر وسط أصدقائه بأنه يقدم معلومات للشرطة. غالباً من سرب هذا الخبر هو مخبر أو عسكري. في هذه الأوساط قد تجد بسهولة مخبراً علي علاقة طيبة باللصوص و يمكن أن يخبرهم ببعض المعلومات علي سبيل الصداقة. المهم أن الخبر قد وصل أصدقاؤه بشكل ما.

كما هو متوقع إنتظره بعضهم عند عودته الي منزله و أشبعوه ضرباً. النتيجة كانت كسر في ضلعين و تهتك في الطحال أدي الي إستئصاله و عدد لا بأس به من الرضوض و الكدمات. قضي بضع أيام في المستشفي و حين خرج قرر أن يقطع علاقته باللصوص مهما حدث. كان في نيته أن يخبر الباشا بقراره في المرة القادمة حين يطلبه الباشا كما هو معتاد و لكن الباشا لم يرسل اليه أحداً و لم يحاول أن يتصل به. يبدو أن الخبر وصله بشكل ما و أدرك أنه قد صار ورقة محترقة.

بعدها بشهرين فكر في أن يفتح كشكاً لينفق منه علي نفسه (لم يكن قد تزوج وقتها). بالطبع ظهرت له مئات العقبات حين تقدم بطلبه للبلدية. لابد من الكثير من الموافقات و التأشيرات و الرشاوي ففكر في الإستعانة بالباشا. ذهب اليه في مكتبه و عرض عليه مشكلته.

-“و ما الذي تريده مني”؟

-“أن تتوسط سعادتك لي لدي أي من معارفك لكي….”.

-“ليس لدي معارف في البلدية”.

-“و لكنهم يرفضون أن يعطوني ترخيصاً للكشك علي الرغم من أني إستوفيت جميع الشروط و الأوراق. يقولون أن المحافظة منعت ترخيص الأكشاك في هذه المنطقة علي الرغم من أن هناك كشك تم ترخيصه منذ أقل من أسبوعين”.

-“هذا هو القانون. ليس بيدي شيء أقدمه لك”.

قالها و هو يفتح الجريدة ليقرأها. عندها أدرك خليل أن اللقاء الذي لم يتعد الدقيقتين قد إنتهي.

* * * * * *

-“و لكن يا باشا هذه لعبة خطرة، هذه ليست خدمة صغيرة يا باشا”.

-“لاحظ أنه كان بإستطاعتي أن أرسل قوة لتقبض عليك و تحضرك هنا مجبراً و أن ألفق لك هذه القضية دون أن أطلب منك شيئاً. دعك من أني أستطيع أن الفق لك قضية أخري و هذه المرة لن أترك لك ثغرات لتخرج منها”.

نظر الي المطواة الملقاة أمامه ثم التقتطها و قال:

-“هل هذه هي المطواة يا باشا”؟

-“نعم و هي جديدة تماما و لن يجد عليها الطبيب الشرعي أي أثار للدماء”.

دون كلمة إضافية قفز خليل فوق المكتب و غرس المطواة في رقبة الباشا. نظر له هذا الأخير في ذهول بينما الدماء تنفجر من عنقه و حاول أن يقول شيئاً إلا أن الصوت لم يخرج من حنجرته. غالباً إخترقتها المطواة.

عندما دخل ممدوح في مرحلة التشنجات النهائية إلتقط خليل منديلاً من علي المكتب مسح به بصماته من علي المطواة المغروسة في رقبة ممدوح ثم أحاط كف ممدوح بمقبض المطواة. حين تأكد من موته تماماً خرج من المكتب و ذهب الي المخبر الذي كان جالساً في الردهة علي مقعد قرب الباب و قال له:

-“الباشا يأمرك أن تصحبني إلي الحجز”.

-“هل سيرحلك في الصباح الي النيابة”؟

الوغد يعلم الموضوع من البداية كما توقع.

-“نعم و سيقوم الآن ب(تظبيط) المحضر”.

قالها و غمز بعينه فإبتسم المخبر ثم صحبه الي الحجز.