هناك سؤال شهير يوجهه المحاورون لضيوفهم عندما يكون موضوع النقاش هو القضية الفلسطينية هو (هل تدين حماس Do you condemn Hamas)، و علي الرغم من أن الموضوع صار مزحة علي السوشيال ميديا من كون السؤال كليشيهي إلا أنه سيق كواحد من مبررات الفيتو الأمريكي لقرار الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار و حتي إنجلترا التي إمتنعت عن التصويت علقت بنفس التعليق: القرار لا يشمل إدانة لحماس. السؤال ليس جديداً و ليس خاصاً بالفلسطينين، لو نظرت للأمر من بعيد فإن السؤال لا يسعي لإدانة حماس في المطلق، في إدارتها لقطاع غزة مثلاً أو فيما يتعلق بأيديوليجيتها الإقتصادية، بل هو نقد لحماس في العنف الذي مارسته تجاه إسرائيل.
ذكر أحمد خالد توفيق رحمه الله أن كتاب السيناريو يرون أن هناك بضع و ثلاثون تيمة رئيسية في الروايات، كل الروايات في العالم هي تنويع علي هذه الثيمات الرئيسية. أنا لا أعرف هذه الثيمات بالتفصيل لكن أتفهم المبدأ، هناك درجة من التجريد يمكن من عندها وضع كثير من الرويات تحت نفس التصنيف. أحد الأمثلة القوية علي هذا كتاب جوزيف كامبل (البطل ذو الألف وجه) الذي يري أن معظم روايات و قصص الأبطال العظماء و الخارقين الخارقين في كل الحضارات تدور في قالب محدد متشابه.
منذ سنين طويلة شاهدت فيلماً كارتونياً مأخوذ عن الكوميديا الإلهية لدانتي. تدور الكوميديا الإلهية حول رحلة دانتي إلي العالم الآخر، حيث يقدم نفسه كبطل الملحمة الشعرية المكونة من ثلاثة أجزاء بينما يقوم الشاعر الروماني فيرجيل بدور الدليل ثم تتبعه بياتريس حبيبة دانتي في القيام بدور الدليل في العالم الآخر. الفيلم كان يركز علي جزء واحد فقط من الأجزاء الثلاثة للملحمة و هو الجحيم Inferno. تدور الملحمة في ثلاثة أجزاء تبدأ بالجحيم Inferno ثم المطهر purgatory ثم الجنة Pardise.
مرت فترة طويلة منذ أن قرأت كتاباً جيداً ككتاب مارتا ستاوت (السايكوباث في الجوار The sociopath next door). إسم الكتاب مشتق من حقيقة أن تقريباً 4% من البشر في العالم الغربي مصنفين علي أنهم شخصيات سايكوباثية، هذه نسبة ضخمة نسبة 1 من 24، بالتالي أي شخص إحتك بشخصية سايكوباثية في الأسرة أو العمل أو الشارع يوماً ما. المؤلفة أستاذة طب نفسي في جامعة هارفارد و قد ضربت في الكتاب أمثلة بحالات رأتها كطبيبة نفسية بعد تغيير الأسماء و التفاصيل حفاظاً علي خصوصية المرضي.

في الماضي قال لي أحد أصدقائي أنه ينوي أن لا يشتري جهاز تليفزيون حين يرزقه الله بأولاد. سألته إن كان سيمنع الكمبيوتر من البيت أيضاً فقال لا. تسائلت عن الجدوي. السبب التقليدي لمنع الأطفال من مشاهدة التليفزيون هو تجنيبهم المشاهد و الأفكار الخارجة لكن الكمبيوتر يسمح بأكثر مما يسمح به التليفزيون بكثير. لم يكن صديقي يهدف لتجنيب أبناؤه المشاهد الخارجة بل تجنيبهم أن يكونوا مجرد متلقيين. التليفزيون تفتحه و تشاهد ما يلقي إليك لكن علي الكمبيوتر أنت تبحث بنفسك عن شيء ما لتقرأوه أو تشاهده.

عموماً هذه التحليل تحليل قديم للغاية، لكنه قيل في الفارق بين التليفزيون و الكتاب. أنت تبحث بنفسك عن كتاب معين، تنزل للمكتبات، تتصفح الأغلفة و تختار، أو تتناقش مع أصدقاؤك فيخبرونك عن هذا الكتاب أو ذاك، الخ. أنت شخص فاعل في عملية القراءة، بينما في التليفزيون أنت متلقي تأخذ ما يلقي إليك.

ربما كان هذا في الماضي، لكن في الحاضر الأمر إختلف كثيراً.

هناك كلمة ألمانية ساحقة الشهرة هي blitzkrieg و التي تعني الحرب الخاطفة، و هي أسلوب هتلر في الحرب. بدلاً من الأسلوب التقليدي القائم علي أن تهاجم لتفوز بنقطة أو مدينة، ثم تتقدم خطوط أمداداتك و سلاح المهندسين ليمهد الطرق إلي النقطة التي أخذتها و تنشيء التحصينات و نقاط الإرتكاز و مراكز تخزين الإمدادات ثم تتحرك إلي النقطة التي تليها و هكذا، فإن النازيين كانوا يتحركون بسرعة جنونية بأقصي ما لديهم من قدرة عسكرية و ينهوا المعركة في أيام قليلة. لن ننتظر أي أحد أو أي شيء، سنتحرك حركة لا يتوقعها أحدهم مثل تحرك روميل بالدبابات وسط الغابات ليدور من حول خط ماجينو، سنضرب بكل طاقتنا مرة واحدة دون أن نحافظ علي أي شيء لما بعد أو للجولة التالية لأنه لن توجد جولة تالية. بالطبع هذه الروح القتالية نجم عنها مخالفات أوامر كثيرة فيما يتعلق ب (سيطر علي هذه النقطة ثم إنتظر كذا)، الضباط كانوا يسيطروا علي النقطة ثم ينتقلوا لما يلوها و يتجاهلوا تعليمات الإنتظار لأن الطابع العام للأمور ليس فيه إنتظار لأي شيء من أي نوع. بالطبع هناك تضحيات جسيمة و مخاطرة كبيرة هنا لكن لا أحد يبالي.

غالباً أنت تعرف أن هناك حملة من فرنسا تنادي بحرية السخريةمن الدين و الرموز الدينية و تحديداً الرسول عليه الصلاة و السلام في مقابل حملة من قطع الرقاب يقوم بها بعض المسلمين في فرنسا لمن تطوله يدهم و في المنتصف هناك حملة من المقاطعة للمنتجات الفرنسية. هذه بعض الخواطر المرسلة التي أثارتها كل هذه الأحداث. ما هي المنتجات الفرنسية؟أحد ردود الأفعال علي ما حدث هو دعوة المسلمين لمقاطعة المنتجات الفرنسية. لكن لماذا؟ لأن الفرنسيين يسيئون للرسول عليه الصلاة و السلام.

هولندا من أكثر دول الاتحاد الأوروبي تأخراً فيما يتعلق بخطط الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون. الدولة تعتمد علي الغاز الطبيعي في التدفئة و علي وقود كربوني لتوليد الكهرباء. المفاعلات النووية قليلة للغاية و هناك مناقشات لإغلاق الموجود بالفعل. موضوع المفاعلات هذا تقليد لألمانيا التي تعتمد بالمثل علي الكربون لتوليد الكهرباء، بالتالي منطقي أن ثمانية من أكثر عشر منشآت أوروبية إنتاجاً لثاني أكسيد الكربون هي محطات توليد كهرباء ألمانية. عموماً هولندا تعتبر امتداد لألمانيا حيث يقلدونها في أشياء كثيرة و الطاقة من ضمنها.
لا يمكن الاعتماد بالكامل علي الطاقة المتجددة لانها لا يمكن تخزينها. لا يمكنك تخزين الكهرباء التي تولدت بالشمس للمساء ولا يمكنك تخزين الكهرباء التي تولدت بالرياح لوقت تقل فيه الرياح أو تنعدم. هناك مشكلة أكثر صعوبة: الدولة مدت أنابيب غاز طبيعي للبيوت لاستخدامها في التدفئة علي مر السنين، بالتالي البنية التحتية لشبكة الكهرباء غير مصممة لأن يتحول استهلاك البيوت من الطاقة بأكمله للكهرباء. أسعار الطاقة في هولندا خيالية مقارنة بباقي أوروبا كما لك أن تتوقع.

بالطبع الدول الملتزمة بجداول تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون لديها مفاعلات نووية و الطاقة عموماً فيها أرخص. الكثير من الخبراء يتكلمون عن خطط إغلاق المفاعلات النووية القليلة في هولندا بأسلوب (إبقي قابلني) و يرون أنه لا سبيل إلا بالتوسع في انشاء المفاعلات النووية و ليس إغلاقها.

منذ عدة سنوات نظمت الشركة لنا تدريباً علي إجراء مقابلات العمل (إنترفيو). المدرب كان شخص من شركة متخصصة في هذا الموضوع. كان مدير للتوظيف في أمازون في أوائل أيامها ثم إستقال و كون شركته الخاصة و صار يقدم تدريب و إستشارات في الموضوع للشركات العملاقة مثل ياهو و مايكروسوفت.

من ضمن عوامل الشخصية التي شرح كيف نقيمها في شخص متقدم للعمل كانت مرونة تفكيره. ليست المشكلة في أن تكون فكرة خاطئة لكن إن قدمت لك أدلة كثيرة علي خطأ هذه الفكرة فإن عليك أن تغيرها. وقتها كانت ذروة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية و التقدم الغير متوقع لترامب. وقتها قال إن مشكلة أنصار ترامب ليست في أنهم يتبعون الشخص الخطأ لكن في أنهم مصرين علي أن يتبعوه مع كل موقف و كل تصريح، هؤلاء أشخاص لا يستطيعون تغيير رأيهم. الموضوع كان غريب لأن الأمر به تحيز سياسي واضح. في تدريب يتعلم فيه المرء ألا يسأل المتقدم للعمل حتي عن كليته خوفاً من أن تكون ذات طابع ديني و بالتالي حين يتم رفضه يتم مقاضاة الشركة بتهمة التفرقة بناء علي الدين و تتعلم فيه أن لا تسأل المتقدم حتي علي سبيل كسر الجليد في بداية الكلام عن أي شيء له علاقة بحياته الأسرية من نوعية (كيف حال الأسرة) خوفاً من أن يتهمك فيما بعد بالتفرقة ضده لأنه متزوج و أنت لست متزوجاً أو لأنه غير متزوج و أنت متزوج، في تدريب كهذا كان من الغريب أن ينتقد الرجل إتجاه سياسي أمريكي يمثل ما يقرب من نصف الشعب في تدريب يجلس فيه بالفعل عدد محترم من الأمريكيين. لا أعرف إن كان واثق أن أحباب ترامب لا يصلون عادة لمناصب محترمة علمياً أم ماذا، لكن هذا هو ما حدث.

أنا أكره الأدب النسائي.

حين سئُل نجيب محفوظ لماذا لا يكتب مقالات رد قائلاً “شاء الله أن يجعلني من ذوي المشاعر لا من ذوي الافكار”. هذا رد ذكي و هو السبب (أو واحد من الأسباب) الذي يفسر العكس بالنسبة لي: أنا لا أكتب روايات ذات قيمة لأني من ذوي الافكار لا من ذوي المشاعر. هذه نقطة فصل لطيفة بين الكتاب و الرواية.

لكن علي الرغم من هذا أشعر أن الأدب النسائي يفتقر للأفكار. هناك الكثير من المشاعر التي تتركني تائهاً أبحث عن خيط من المنطق، إطار أو هيكل من الأفكار الذي يسمح لي بالتعامل مع كل هذه الكلام الذي يملاً الصفحات، ولا أجد. حتي لو كان الفارق بالتعريف أعلاه أن الرواية هي شيء يمتليء بالمشاعر و ليس به أفكار لكن هناك حد أدني من الأفكار التي أحتاج لوجودها لأستطيع التعامل مع العمل الأدبي، و هو حد أدني لا أجده في الأدب النسائي عادة. بالتالي هناك الكثير من الأسماء العربية و الأجنبية الشهيرة في الأدب النسائي التي فشلت في أن أكمل قراءة كتاب لها حتي نهايته، مثل رضوي عاشور و إزابيل الليندي. مهما حاولت فالمحاولة فاشلة عادة.

بالتالي كنت بشكل ما متخوف من قراءة كتاب (زمن مستعمل: آخر السوفييت Secondhand Time: The Last of the Soviets) لسفيتلانا اليكسيفتيش، السوفيتية سابقاً البيلاروسية حالياً الحائزة علي جائزة نوبل في الأدب، لكني بدأت من منطلق أن لا أكون متحيز لتجاربي السابقة.